هل تداول الذهب حرام ام حلال؟
يُعَدّ تداول الذهب من أهم أدوات الاستثمار في العالم العربي، حيث يُنظر إليه كملاذ آمن يحافظ على قيمة الأموال في ظل التضخم وتقلبات الأسعار. وقد شهد هذا السوق نموًا ضخمًا عالميًا، إذ تجاوزت قيمة تداولات الذهب أكثر من 12 تريليون دولار، مما زاد من اهتمام المتداولين العرب بالاستثمار فيه عبر منصات التداول الرقمية والبنوك وشركات الوساطة. ورغم أهميته الاقتصادية، ما زال تداول الذهب يثير جدلًا دينيًا واسعًا. فبعض العلماء يجيزونه بشرط الالتزام بالضوابط الشرعية، بينما يحرّمه آخرون إذا تم مخالفة هذه الضوابط، و هذا التباين يعكس حساسية الموضوع وضرورة فهم تفاصيل كل معاملة قبل التداول. وفي هذا المقال، سنقدم شرحًا مبسطًا لتداول الذهب، وأسباب انتشاره في المنطقة، وأهم النقاط الشرعية المرتبطة به بطريقة عملية وواضحة.
ماذا يقصد بتداول الذهب؟
تداول الذهب يعني شراء وبيع الذهب بهدف تحقيق الربح. بدلاً من الاحتفاظ بالذهب الحقيقي في جيبك أو تحت الوسادة، يمكنك الاستثمار في الذهب عبر الإنترنت، سواء عن طريق عقود الفروقات CFDs، أو من خلال شراء أسهم في شركات تعدين الذهب، أو حتى عبر صناديق متداولة في البورصة مرتبطة بالذهب ETFs، وتتيح للمستثمرين شراء حصص تمثل قيمة معينة من الذهب دون الحاجة لامتلاكه بشكل فعلي ويمكن شرح المقصود بتداول الذهب من خلال العنصرين التاليين:
- مفهوم تداول الذهب.
- أشكال تداول الذهب.
مفهوم تداول الذهب
تداول الذهب ببساطة هو شراء وبيع الذهب بهدف تحقيق ربح من تغير سعره، وليس بالضرورة الاحتفاظ به كسبائك أو مشغولات. والفكرة بسيطة وهي أن تشتري عندما تتوقع أن السعر سيرتفع، وتبيع عندما يرتفع لتربح الفارق والعكس صحيح عند توقع هبوط السعر.
ويجدر الذكر أن التداول عبر المنصات يوفر سيولة عالية واستخدام الرافعة المالية وسهولة دخول وخروج من الصفقات لكنه قد يتضمن عمولات و فروقات سعرية. أما الشراء المادي يمنحك ملكية حقيقية لكنه يحتاج تخزين وتأمين وقد تكون سيولة البيع أقل أو تكلف أكثر. و يكمن الفرق عزيزي القارئ بين شراء الذهب المادي وتداوله عبر المنصات أو العقود في أن:
- الذهب المادي: يعني تملك قطعة ذهبية حقيقية ملموسة مثل سبيكة أو قطعة مجوهرات أو مشغولات ذهبية مثل خاتم أو سلسلة. و عند الشراء تمتلك المعدن فعليًا ويمكنك تخزينه أو بيعه لاحقًا.
- التداول عبر المنصات أو العقود: هنا لا تملك المعدن فعليًا عادةً، بل تتعامل عبر عقود أو أداة مالية تعكس سعر الذهب. هذا يشمل عقود الفروقات CFDs وأزواج مثل XAU/USD اي سعر أونصة الذهب مقابل الدولار. والنتيجة: التعرض لسعر الذهب بدون الحاجة لتخزينه، وغالبًا مع إمكانية استخدام الرافعة المالية التي تزود المكاسب و تزود الخسائر أيضاً.
ولنضرب مثال واقعي بسيط لبيان ذلك بصورة أشمل وأعم ولنفترض أنك عزيزي المتداول اشتريت أونصة ذهب عبر منصة تداول بسعر 2,000 دولار للأونصة. بعد أسبوع ارتفع السعر إلى 2,100 دولار. إذا بعت الأونصة عبر نفس المنصة ستجني 100 دولار، و هذا مثال على الربح من فرق السعر دون الحاجة لاستلام الذهب مادياً. فنفس الفكرة تعمل في عقود الفروقات أو زوج XAU/USD لكن الفرق أنك لم تستلم قطعة ذهب فعلية، بل أغلقت صفقة شراء عند سعر الربح الذي حددته للتو أو مسبقا.
أشكال تداول الذهب
تتعدد طرق تداول الذهب، لكن أكثرها انتشارًا بين المستثمرين يمكن تلخيصها في ثلاثة أنواع رئيسية تشمل:
- التداول الفعلي (شراء السبائك والمجوهرات).
- التداول عبر منصات التداول (عقود الذهب).
- التداول باستخدام الرافعة المالية.
1- التداول الفعلي (شراء السبائك والمجوهرات)
يشمل التداول الفعلي على الذهب شراء السبائك و العملات الذهبية، أو المشغولات الذهبية بهدف الاحتفاظ بها وبيعها لاحقًا عند ارتفاع السعر.
ومثال ذلك أن شخص يشتري سبيكة وزن 50 جرامًا من محل تجاري للذهب معتمد أو بنك، ويحتفظ بها في خزانته الخاصة حتى ارتفاع السعر ويبيعها نقدًا.
| المميزات | المخاطر |
| امتلاك الذهب بشكل حقيقي وملموس | تكلفة المصنعية عند شراء المشغولات |
| مناسب للادخار طويل المدى | صعوبة التخزين والحاجة لتأمين المكان |
| بعيد عن تعقيدات الأسواق والمنصات | قد يستغرق وقتًا طويلًا لتحقيق الربح |
2- التداول عبر منصات التداول (عقود الذهب)
وهو التداول على سعر الذهب من خلال منصات وتطبيقات الفوركس أو شركات الوساطة المالية دون امتلاكه فعليًا، ويُعرف هذا عادة بتداول العقود مقابل الفروقات CFDs.
و مثال ذلك متداول يفتح صفقة شراء على الذهب من خلال منصة تداول مثل MetaTrader، و يغلق الصفقة عند ارتفاع السعر للوصول للهدف المحدد أو الاكتفاء بالربح المحقق من فرق السعر عند نقطة الدخول والتي وصل إليها.
| المميزات | المخاطر |
| سرعة في تنفيذ الصفقات | تقلبات السوق السريعة قد تسبب خسائر |
| إمكانية التداول في الاتجاهين والاستفادة من الصعود والهبوط | يعتمد على كفاءة المتداول وخبرته |
| لا حاجة لامتلاك الذهب أو تخزينه | قد تتأثر الصفقة بالرسوم والسبريد |
3- التداول باستخدام الرافعة المالية
وهنا يعني إمكانية فتح صفقات أكبر من رأس المال الحقيقي الذي تم ايداعة للتداول، حيث تمنح شركات التداول قوة مالية إضافية تضاعف حجم الصفقة الى 100 ضعف او حتى 500 ضعف مثل 1:100 أو 1:500.
و مثال ذلك إذا كان لدى المتداول 1000 دولار واستخدم رافعة مالية 1:100، يمكنه تنفيذ صفقة تعادل 100,000 دولار من الذهب. وكذلك الأمر إذا كانت الرافعة المالية 1:500.
| المميزات | المخاطر |
| مضاعفة الأرباح المحتملة مع رأس مال صغير | تتضاعف الخسائر أيضًا وقد يتم خسارة كامل رأس المال بسرعة |
| مناسب للمضاربة السريعة | يحتاج لإدارة مخاطرة صارمة وخبرة في التداول |
| يمكن استخدامه مع عقود الذهب على معظم المنصات | غير مناسب للمبتدئين |

ما هو حكم تداول الذهب وهل هو حلال أم حرام؟
نوضح أولًا أن هذا العرض لا يُعد إصدارًا لحكم شرعي، وإنما هو جمعٌ لآراء الفقهاء والهيئات الشرعية حول تداول الذهب، سواء يدًا بيد أو عبر المنصات الإلكترونية. ويظهر من المصادر الفقهية أن الاختلاف لا يتعلق بالذهب في ذاته، وإنما يتعلق بكيفية تنفيذ عمليات البيع والشراء و شرط التقابض الشرعي. ونسرد حكم تداول الذهب في ثلاث نقاط واضحة وهم:
- الرأي العام للعلماء.
- أسباب الخلاف.
- ضوابط التداول الحلال.
1- الرأي العام للعلماء
يتفق الفقهاء قديمًا وحديثًا على جواز بيع وشراء الذهب يدًا بيد عند تحقق التقابض الفوري، استنادًا لحديث النبي ﷺ: «الذهب بالذهب يدًا بيد».
وذكر الدكتور عثمان الخميس احد المختصين بإصدار الفتاوى بالمملكة العربية السعودية، أن بيع الذهب وشراؤه مباشرة يُعد جائزًا عند حصول التقابض بين الطرفين. وبيّن أن التعامل عبر البورصات أو المنصات الإلكترونية يمكن أن يكون جائزًا إذا كان التحويل المالي فوريًا ويُعتبر قبضًا شرعيًا، مع التنبيه إلى أن تفاصيل القبض الحُكمي تحتاج إلى تحقق من واقع كل منصة، ولم يقدّم تفصيلًا موسعًا في هذا الجانب.
و أوضح الشيخ ماجد بن محمد الكندي أمين فتوى وعضو هيئة شرعية مصرفية بسلطنة عُمان، أن التداول عبر الإنترنت يكون محل جواز عند ضمان التقابض الشرعي، سواء كان قبضًا مباشرًا أو قبضًا حكميًا مثل التحويل البنكي الفوري أو تحويلات المحافظ الإلكترونية. وفي المقابل، أشار إلى وجود منصات لا تملك ذهبًا فعليًا وتكتفي بزيادة رصيد رقمي، وذكر أن هذا النوع يثير إشكالًا من الناحية الشرعية لغياب التمليك.
و بعض الهيئات الفقهية مثل هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية AAOIFI ودار الإفتاء المصرية تناولت حكم بيع وشراء المعادن الثمينة عبر الإنترنت، وذكرت في عدد من قراراتها أن المعاملة تكون منضبطة شرعًا إذا تحقق التقابض وكان هناك تمليك حقيقي قابل للتسليم، مع وجود عقود واضحة وخالية من الربا.
2- أسباب الخلاف بين الفقهاء
تتعدد أسباب الخلاف الفقهي بين الفقهاء في حكم تداول الذهب و تظهر من خلال النقاط التالية:
- مفهوم القبض: يرى فريق من العلماء أن التداول عبر المنصات جائز إذا تحقق التقابض الفوري و يعتبرون التحويل البنكي الفوري قبضًا حكميًا، ومن بينهم الشيخ ماجد الكندي الذي ذكر أن التحويل المباشر يمكن اعتباره تسليمًا شرعيًا للثمن. بينما يشير الدكتور عثمان الخميسي إلى ضرورة التأكد من أن التحويل يؤدي فعلًا إلى تمليك فوري، دون التوسع في شرح صور القبض الإلكتروني الأخرى.
- وجود ذهب فعلي أو رصيد رقمي: بعض المنصات لا تحتفظ بذهب حقيقي، بل يتم تسجيل رصيد فقط. وقد بين الشيخ الكندي أن هذا النوع يطرح سؤالًا شرعيًا حول بيع ما لا يُملك أو البيع دون تمليك، وهو ما يجعل التعامل محل اختلاف بين العلماء.
- طبيعة العقود المالية: العقود التي تُسوى نقدًا دون تسليم مثل عدد من أنواع العقود مقابل الفروقات CFD تختلف في حكمها عند الفقهاء؛ حيث تعتمد بعض الهيئات مثل هيئة المحاسبة الإسلامية AAOIFI على التمييز بين العقود التي تملك فيها الذهب وبين العقود المبنية على فروق الأسعار فقط.
- الرقابة والشفافية: وجود جهة رقابية أو إشراف شرعي رسمي يُعد عاملاً مؤثرًا في الطمأنينة على صحة المعاملة، وقد أشار الشيخ الكندي إلى أن غياب الرقابة الشرعية على بعض المنصات من أسباب التحفظ.
3ـ الضوابط الشرعية للتداول المعتبر عند الفقهاء
تذكر مصادر الفقهاء والهيئات الشرعية مجموعة ضوابط إذا توفرت، اعتبر كثير منهم أن المعاملة أقرب للانضباط الشرعي، ومن هذه الضوابط:
1ـ تحقق التقابض الفوري أو الحُكمي: وقد ورد ذلك في حديث النبي ﷺ: «يدًا بيد». و يُستشهد بقول الدكتور عثمان الخميسي في اشتراط استلام الثمن أو تسليم الذهب فورًا. ويستشهد أيضا بقول الشيخ الكندي حول اعتبار التحويل البنكي قبضًا حكميًا إذا تم فورًا.
2- وجود تمليك حقيقي للذهب: عدد من المشايخ، ومنهم الشيخ الكندي، أشاروا إلى وجود منصات تتعامل برصيد دون ذهب فعلي، وهو ما يجعل التحقق من وجود الذهب جزءًا من الضوابط الشرعية.
3- قابلية السحب أو التسليم: المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية AAOIFI تشترط وجود إمكانية تسليم الذهب، أو على الأقل وجود عقد يثبت الملكية ويتيح حق التسليم.
4- وضوح العقد وخلوّه من الربا: بعض الهيئات الفقهية، ومنها دار الإفتاء المصرية، تشترط وضوح البنود المالية، وعدم وجود فوائد مقابل التأجيل أو أي شرط ربوي داخل العقد.
5- التحقق من الرقابة الشرعية: يشير عدد من الفقهاء إلى ضرورة التأكد من أن الجهة التي تتيح تداول الذهب تخضع لرقابة مالية وقانونية، وأن لديها مستندات تثبت امتلاك الذهب أو تخزينه.

مخلص لآراء العملاء في حكم تداول الذهب
فيما يلي ملخص لآراء بعض العلماء المعاصرين في حكم تداول الذهب وهم على ما يلي:
1- رأي الشيخ عبدالله المنيع: صرّح الشيخ عبدالله المنيع عبر لقاء متلفز على قناة الرسالة السعودية في برنامج "يستفتونك". أن تداول الذهب عبر الإنترنت جائز إذا تحقق التقابض الحكمي، ويكون ذلك بوصول الأموال إلى حساب المشتري أو البائع مع القدرة على التحكم بها دون قيود زمنية.
2- الشيخ علي القره داغي: قد أوضح عبر الموقع الرسمي بيان منشور ضمن فتاوى الاقتصاد الإسلامي. أن الحكم يختلف حسب التطبيق العملي، وأنه يجب التحقق من مرجعية العقد وأركانه ومدى توافقه مع الضوابط الشرعية في البيع والتمويل.
3- الدكتور عبدالله رشدي: وقد ذكر عبر قناته يتيوب وحسابه فيسبوك أن الخلاف بين العلماء المعاصرين يرتبط بمسائل التقابض، والرافعة المالية، وأشار إلى أن تداول الذهب يكون جائز تم بالتقابض العيني أو الحكمي أي إذا تم إرسال الأموال عبر الحسابات المالية بشكل فوري.
حكم تداول الذهب عبر الإنترنت (هل هو حلال أم حرام؟)
حكم تداول الذهب عبر الإنترنت يختلف تمامًا عن حكم تداوله بشكل ملموس أو فعلي. لذلك، سنشرح حكم تداول الذهب عبر الإنترنت وهل هو حلال أم حرام من خلال عنصرين مهمين وهما:
- حكم تداول الذهب في البورصة عبر الإنترنت.
- حكم تداول الذهب عبر المنصات الإلكترونية.
حكم تداول الذهب في البورصة عبر الانترنت
نأتي الآن إلى حكم آخر من أحكام تداول الذهب، وهو يتعلق بالتداول في البورصة عبر الإنترنت، وربما هذه هي المسألة التي تثير اهتمام الجميع و سنناقش هذا الأمر أيضًا بالأدلة و أراء الفقهاء المدعمة.
في هذا الجزء، سنستعين بفتوى صادرة عن الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع، وهو عضو في هيئة كبار العلماء ومستشار بالديوان الملكي السعودي، والذي كان من ضمن الشيوخ الذين قاموا بإلقاء خطبة يوم عرفة وتحديدا في عام 2020.
تحدث الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع عن أن تداول الذهب عبر الإنترنت والمنصات المعتمدة بأنة جائز، وذلك في حال توافر التقابض الحكمي. وما يقصده بالتقابض الحكمي هو أن الأموال تدخل في حساب البائع أو المشتري ويستطيعون التحكم بها في أي وقت وبدون زمن محدد أي يتحقق قبض الاموال بطريقة أخرى تعوض التقابض يدا بيد مثل التحويل في حساب البائع والمشتري.
بناءً على ما أشار إليه الدكتور عبد الله بن سليمان المنيع في فيديو له عبر يتيوب، فإن دخول الأموال في الحساب الخاص بك، سواء كان الحساب المصرفي أو ما يعادله،يعتبر تقابض حكمي، وهذا جائز في تداول الذهب.
يمكننا استنتاج أن تداول الذهب عبر الإنترنت عبر المنصات المعتمدة جائز، شريطة توافر التقابض الحكمي الذي يسمح بالتحكم الكامل في الأموال المتداولة بدون قيود زمنية. ومع ذلك، يجب الإشارة، عزيزي القارئ، إلى أننا لم نتطرق بعد إلى حكم تداول الذهب بالهامش، أو ما يعرف بتداول الذهب في سوق الفوركس، والذي سنناقشه الآن.
حكم تداول الذهب عبر المنصات الإلكترونية ( التداول في الفوركس)
الصور السابقة التي ذكرناها تمثل صورًا صحيحة لتداول الذهب، ولا يوجد بها خلاف بين الفقهاء. ومع ذلك، يتركز الخلاف الأكبر حول تداول الذهب من خلال المنصات بنظام العقود مقابل الفروقات باستخدام الرافعة المالية.
يتمحور النقاش عزيزي القارئ أساساً حول هاتين القضيتين، حيث يتباين آراء العلماء والفقهاء بشأن جواز وشرعية تلك الممارسات في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية.
سنتناول الآن حكم تداول الفوركس بشكل عام، حيث لا توجد مشكلة في تداول الذهب ولكن المشكلة تكمن في طريقة تداوله . في هذا السياق، نستعرض رأي الدكتور عبد الله رشدي، الذي هو أحد علماء الأزهر الشريف وداعية إسلامي معروف في الوطن العربي وقد تحدث الدكتور عبد الله رشدي عن وجود خلاف بين العلماء المعاصرين في المحاذير التي تجعل من تداول الذهب من خلال الفوركس حلالًا، وتنص هذه المحاذير على:
- التقابض: الذي يقصد بها التسليم يدا بيد. قد تم توضيح هذا الأمر سابقًا من قبل الدكتور عثمان الخميسي والدكتور عبد الله سليمان بن منيع، اللذان أكدا أن تداول التقابض الحكمي يكون جائزًا في حال استطاع المتداول التحكم في حسابه الخاص.
- الرافعة المالية: حيث يوجد خلاف بين العلماء حول اعتبارها كقرض يجر نفعًا أو كعقد تمويل. وحتى في حال اعتبرناها قرضًا، فإنها حلال إذا كانت على سبيل التمويل بدون ربا، وحرام اذا كانت قرض ربوي بفوائد.
- الجمع بين السلف ومعاوضة: الذي يشير إلى جمع بين دين يقصد به الرافعة المالية والمعاوضه التي تقصد بها عمليات التداول. يكمن الخلاف هنا حول إلزام شركات التداول المتداولين بالتداول في أسواق العملات من خلالها، وهو ما يثير جدلًا بين العلماء.
- الغرر والضرر: حيث يكون المحظور في معنى الغرر والضرر، ويقصد بالضرر هنا المخاطر المرتفعة المترتبة على عمليات التداول. يُشدد العلماء على ضرورة أن يكون المتداول على علم بحجم المخاطر التي تحيط به لتجنب هذا المحظور.
حكم استخدام الرافعة المالية في تداول الذهب
يوجد خلاف بين العلماء حول مسألة الرافعة المالية، فيما إذا كانت تُعتبر قرضًا ربويًا أو تمويليًا. وقد أوضح الدكتور عبد الله رشدي في شرحه للشروط التي تجعل التداول في الفوركس محرمًا، إلا إذا تم تجنب هذه الشروط، ومن بينها الرافعة المالية.
وأشار في فيديو سابق إلى أن حكم استخدام الرافعة المالية في تداول الذهب أو الفوركس عمومًا يمكن أن يكون حرامًا أو حلالًا. فهي تكون حرامًا إذا كانت قرضًا ربويًا يُحقق منفعة، وهو ما يعد من الربا أو الفوائد الربوية المحرمة في الشريعة الإسلامية، وذلك عندما تحصل الشركة على عمولة نتيجة تقديمها لك هذا القرض الربوي أو الرافعة المالية.
أما إذا كانت الرافعة المالية تُعتبر قرضًا تمويليًا، كما يحدث في حساب الفوركس الإسلامي، فهنا لا يوجد حرج شرعي، وتكون الرافعة حلالًا. لذلك، حكم الرافعة المالية يتأرجح بين الحلال والحرام، حسب طريقة استخدامها.
الفرق بين تداول الذهب في البورصة وتداول الذهب في الفوركس
إليك جدول مختصر يوضح الفرق بين تداول الذهب في البورصة وتداول الذهب في الفوركس:
| الفرق | تداول الذهب في البورصة | تداول الذهب في الفوركس |
| نوع الأصول. | أسهم أو صناديق استثمارية مرتبطة بالذهب. | المضاربة على سعر الذهب مقابل العملات. |
| آلية التداول. | شراء وبيع أسهم أو صناديق استثمارية. | العقود مقابل الفروقات CFDs. |
| الرافعة المالية. | محدودة. | مرتفعة وتزيد من المخاطر. |
| المخاطر والتقلبات. | أقل تقلبا وتعتمد على أداء الشركات أو الصناديق. | أكثر تقلبا وتعتمد على سعر الذهب مباشرة. |
| التسليم الفعلي. | لا يوجد تسليم فعلي للذهب. | لا يوجد تسليم فعلي للذهب. |
| المنصات | البورصات التقليدية | منصات الفوركس مثل MetaTrader 5. |
| الحكم الشرعي | جائز مع تحقق التقابض | محتمل حرام بسبب الرافعة |
ما هو حكم تداول الذهب عبر الإنترنت مع عمولة التبييت؟
يُعتبر تداول الذهب عبر الإنترنت أكثر توافقًا مع الضوابط الشرعية عندما لا يتضمن عمولة التبييت، وهي عمولة ربوية محرمة في تداول الفوركس ونعرضها بالتفصيل من خلال الآتي:
- تعريف عمولة التبييت.
- سبب تحريم عمولة التبييت في تداول الذهب.
تعريف عمولة التبييت
عمولة التبييت على صفقات التداول هي عبارة عن رسوم تفرضها بعض شركات التداول على الصفقات أو المراكز التي تبقى مفتوحة لليوم التالي من التداول. و يتم فرض هذه العمولة على كل لوت يتم فتحه ضمن الصفقة، أو على الصفقة بشكل عام. غالبًا ما تفرض هذه الرسوم من قبل الشركات التي لا توفر حسابات إسلامية، بينما تقدم بعض شركات التداول الإسلامية حسابات إسلامية لا تتضمن عمولة التبييت.
و تُعرف هذه العمولة أيضًا بالعمولة الليلية، حيث تُفرض بعد منتصف الليل، عند دخول اليوم التالي مباشرةً، وتحديدًا بعد الساعة 12:00 ليلًا. وهي عمولة ربوية محرمة إجماعًا، ويمكن تجنبها من خلال فتح حسابات إسلامية بدون سواب.
سبب تحريم عمولة التبييت في تداول الذهب
بعد التعرف على عمولة التبييت، نأتي الآن إلى سبب تحريمها حيث يعود ذلك، عزيزي القارئ، إلى مخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية بسبب شبهة الربا التي تتضمنها. وتُفرض هذه العمولة عندما يحتفظ المتداول بمركز مفتوح في السوق لأكثر من يوم، وتعتبر فائدة ربوية لأنها تمثل عمولة على تأخير إتمام الصفقة، وهو ما يتعارض مع الأحكام الشرعية. في الشريعة الإسلامية، وتعتبر الفوائد على تأخير المعاملات المالية من الربا المحرم.
إضافةً إلى ذلك، الشريعة تشترط الفورية في إتمام المعاملات المالية، وعمولة التبييت تؤخر التسوية الفورية، مما يزيد من عدم توافقها مع الشريعة. علاوةً على ذلك، تأخذ شركة التداول عمولتها من خلال فرق السعر السبريد عند تنفيذ الصفقة، وبالتالي لا يوجد داعٍ لفرض عمولة إضافية كتلك التي تفرض على التأخير. بناءً على ذلك، تُعد عمولة التبييت ربوية ومحظورة شرعًا.
حكم تداول الذهب مقابل الدولار والعملات الأجنبية
من خلال ما وضحنا سابقا، يتبين أن حكم تداول الذهب هو المقصود من حكم تداوله مقابل الدولار الامريكي والعملات الاجنبية الأخرى. ونسرد ذلك بالتفصيل من خلال العنصرين التاليين:
- حكم تداول الذهب مقابل الدولار.
- حكم تداول الذهب مقابل العملات الأخرى.
- حكم تداول الذهب مقابل العملات الرقمية.
حكم تداول الذهب مقابل الدولار
تداول الذهب مقابل الدولار الأمريكي يتضح حكمه جليًا من الفتاوى التي عرضناها سابقا، ويمكن تقسيم ذلك إلى قسمين أساسيين:
1- تداول الذهب مقابل الدولار الأمريكي يدًا بيد: أشار الدكتور عثمان الخميس إلى أن هذا النوع من التداول جائز إذا تم يدًا بيد، سواء كان ذلك مقابل الذهب أو أي عملة أخرى، مثل الدولار الأمريكي، الريال السعودي، أو الجنيه المصري. المهم أن تتم المعاملة بشكل مباشر وفوري.
2- وفقًا لما أشار إليه الدكتور عبد الله رشدي، فإن هذا النوع من التداول جائز إذا توفرت فيه أربعة شروط أساسية، وهي:
- التقابض الفوري (فعليًا أو حكميًا).
- خلو المعاملة من الربا.
- خلو العقد من الغرر الفاحش.
- أن يتم التداول عبر حسابات واضحة وموثقة.
أما الدكتور ماجد بن محمد الكندي الحاصل على الإجازة العالية في القضاء من كلية العلوم الشرعية بمسقط، ودكتوراه في الفقه وأصوله من الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، فقد أشار إلى أن التداول عبر المنصات جائز بشرط تحقق التقابض الفوري، ويُقبل التقابض الحكمي إذا وصلت الأموال إلى الحساب البنكي فورًا دون تأخير.
حكم تداول الذهب مقابل العملات الأخرى
يشمل حكم تداول الذهب مقابل الدولار الأمريكي أيضًا حكمه مقابل العملات الأجنبية الأخرى، ويشترط له نفس الشروط، وهي التقابض العيني أي يدًا بيد أو التقابض الحكمي كما وضحناه في الفقرات السابقة بناءً على آراء العلماء. يشمل ذلك العملات الأخرى مثل اليورو، الين الياباني، الجنيه الإسترليني، وأيضًا العملات الرقمية مثل البيتكوين، التي تتيح بعض المنصات تداولها.
إذا تحقق التقابض يدًا بيد، فإن التداول يكون جائزًا وفقًا لأقوال العلماء. أما بالنسبة للعملات الرقمية، رغم كونها غير ملموسة، فإن بعض العلماء، مثل الدكتور عبد الله رشدي، أجازوا التداول بها إذا تحقق التقابض الحكمي، أي إذا تم إرسال الأموال أو العملات عبر الحسابات المالية بشكل فوري.
حكم تداول الذهب مقابل العملات الرقمية
أما بالنسبة لتداول الذهب مقابل العملات الرقمية مثل البيتكوين، فقد اختلف فيه العلماء نظرًا لكون العملات الرقمية غير ملموسة وذلك لرئيين:
- بعض العلماء أجازوه إذا تحقق التقابض الحكمي الفوري من خلال التحويلات الإلكترونية الموثوقة.
- بينما يرى آخرون أن فيه إشكالًا شرعيًا نظرًا لعدم وضوح القيمة والثبات في العملات الرقمية.
وبناءً على ذلك، فإن تداول الذهب مقابل العملات الرقمية جائز عند من يجيز التعامل بالعملات الرقمية بشرط التقابض الحكمي الفوري، مع التنبيه إلى وجود خلاف بين أهل العلم حول أصل مشروعية العملات الرقمية نفسها.
ما هي أفضل شركات تداول الذهب بحساب إسلامي؟
تتعدد شركات تداول الذهب بحساب إسلامي مما يصيب المتداولين بالحيرة في الاختيار بين افضلهم لذلك عزيزي القارئ ادرجنا لك في القائمة التالية بعضا من افضل شركات تداول الذهب بحساب إسلامي مثل شركات التداول في الامارات حيث تتجنب هذه الشركات فرض الفوائد الربوية المخالفة للشريعة الاسلامية بالاضافة الى الادوات الاخرى المساعدة وخدمة عملائها المتميزة مع العلم انه يتم تحديث هذه القائمه بشكل دوري وفقا للافضل.
| الشركات | التراخيص | الرافعة المالية | السبريد | حد للايداع | سنة التأسيس |
|---|---|---|---|---|---|
| Avatrade | FSCA , FFAJ , ASIC | 1:400 | 0.13 نقطة | $100 | 2006 |
| Capital com | ASIC , CySEC , FCA | 1:200 | 0.67 | $20 | 2016 |
| Exness | FSCA , FSC bvi , CySEC | 1:1000 | 0.3 نقطة | $10 | 2008 |
| Accuindex | FSC bvi , CySEC | 1:200 | 0.6 نقطة | $250 | 2016 |
| Pepperstone | ASIC , CySEC , DFSAU | 1:500 | 0 | $100 | 2010 |
| Inzo | FSA , SVG , جزر القمر | 1:500 | 0.8 | $50 | 2021 |
| Maxify Fx | FSCA , FSCm | 1:300 | 2 | $1 | 2023 |
يجب التنوية عزيزي القارئ أن هذه القائمة لأغراض تعليمية فقط وليست توصية استثمارية أو دعوة للتداول. و يجب على القارئ الكريم التأكد من التراخيص والضوابط الشرعية لكل شركة بشكل مستقل قبل اتخاذ أي قرار مالي.
أهم الشروط الشرعية لبدء تداول الذهب عبر الإنترنت
وفقًا لما تم ذكره من تفاصيل في الأعلى يمكن إجمال الشروط التي يكون فيها تداول الذهب عبر الإنترنت حلالًا فيما يلي:
1. التقابض الفوري أو الحكمي: أن يتم تنفيذ الصفقة فورًا عبر المنصة دون تأخير، بحيث يُعتبر التسليم الإلكتروني بمثابة القبض الشرعي.
2. عدم وجود فوائد تبييت أو أي فائدة ربوية: يشترط التداول من خلال حساب إسلامي خالٍ من فوائد التبييت على العقود المفتوحة، لأن هذه الفوائد تُعد من الربا المحرّم.
3. أن يكون العقد حقيقي وليس وهميًا: أي أن الصفقة يجب أن تتم على أصول حقيقية أو عقود موثوقة، وليست مراهنة صورية أو عقود بلا سند فعلي.
4. التداول عبر شركة مرخصة تقدم حسابًا إسلاميًا: وجود ترخيص رسمي موثوق يضمن سلامة التعاملات، وتوفير حسابات مطابقة للضوابط الشرعية.
ويجب الملاحظة أن أي مخالفة لهذه الشروط سواء بوجود فوائد تبييت، أو عقود وهمية، أو معاملات تفتقر إلى التقابض، تجعل التداول غير جائز شرعًا، لارتباطه بالربا أو الغرر أو المقامرة التي نهى عنها الإسلام.
الأسئلة الشائعة
نعم يجوز، بشرط توافر التقابض الفوري أو الحكمي عند تنفيذ الصفقة، وعدم وجود فوائد تبييت أو أي فائدة ربوية على العقود المفتوحة. كما يجب أن يكون التداول من خلال حساب إسلامي وتحت إشراف جهة مرخّصة لضمان سلامة المعاملة شرعًا.
الرافعة المالية يجوز استخدامها فقط إذا لم يترتب عليها فوائد ربوية أو تكاليف إضافية عند فتح أو تبييت العقود. أما إذا كانت الرافعة مرتبطة برسوم على التبييت أو فوائد على المراكز، فهذا يجعل المعاملة غير جائزة شرعًا.
نعم، بشرط أن توفر حسابًا إسلاميًا خاليًا من فوائد التبييت، وتنفيذ فوري للصفقات، مع عقود حقيقية وليست صورية. كما يجب أن تكون الشركة خاضعة لرقابة و ترخيص رسمي لضمان الالتزام بالضوابط الشرعية.
يكون تداول الذهب عبر الإنترنت حلال إذا تم بضوابط شرعية تشمل تحقق التقابض الفوري، و عدم الفوائد الربوية، وعدم الغرر أو المقامرة. أما غير ذلك يكون حرام لاشتماله على فوائد تبييت، عقود وهمية، أو مراهنة على أسعار دون وجود ملكية أو تسليم فعلي.
التداول بالذهب لا يُعد ربا في حد ذاته، بشرط الالتزام بضوابط شرعية محددة، أهمها التقابض الفوري أو الحكمي عند تنفيذ الصفقة، وعدم وجود فوائد تبييت أو أي فائدة ربوية على العقود المفتوحة.
اطلع ايضا المزيد من المقالات التعليمية حول التداول
فريق موقع تداول
28 سبتمبر, 2025